أقرت التشريعات الإماراتية حبس المدين عند عدم سداد الديون بشروط معينة.
وقد ازداد في الآونة الأخيرة الحديث في الأوساط التشريعية و الفقهية عن إمكانية إلغاء حبس المدين في الإمارات. فهل تم ذلك فعلا ؟
وما هي الشروط التي تحول دون حبس المدين؟
الأصل أنه بموجب المادة (324) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز حبس المدين.
وذلك بالنص عليه صراحة في المادة الانفة الذكر “1- لقاضي التنفيذ أن يصدر أمراً بناء على طلب يقدم من المحكوم له، بحبس المدين إذا امتنع عن تنفيذ حكم نهائي أو أمر أداء نهائي رغم ثبوت قدرته على الوفاء أو خشية هربه من البلاد، ولا يعتبر المدين مقتدراً على الوفاء إذا قامت ملاءته كلية على أموال لا يجوز الحجز عليها أو بيعها.
2- ويعتبر المدين مقتدراً ويصدر قاضي التنفيذ أمراً بحبسه إذا امتنع عن الوفاء وذلك في أي من الحالات الآتية :-
أ- إذا قام المدين بتهريب أمواله أو إخفائها بقصد الإضرار بالدائن، واستحال على الدائن بسبب ذلك التنفيذ على تلك الأموال.
ب- إذا كان الدين هو قسط أو أكثر من الأقساط المقررة على المدين، أو كان المدين ممن كفلوا المدين الأصلي بالدفع أمام المحكمة أو قاضي التنفيذ، إلا إذا أثبت المدين حصول وقائع جديدة بعد تقرير الأقساط عليه أو بعد إعطائه الكفالة أثرت على ملاءته وجعلته غير قادر على دفع الأقساط أو قيمة الكفالة أو أي جزء منها.
ج- إذا كان المبلغ المحكوم به على المدين نفقة شرعية مقررة.
3- ويأمر قاضي التنفيذ بحبس المدين في الحالات المبينة في الفقرتين السابقتين مدة لا تزيد على شهر ويجوز تجديدها لمدد أخرى، فإذا كانت للمدين إقامة مستقرة فلا يجوز أن تتجاوز مُدد الحبس ستة أشهر متتالية ويجوز الأمر بتجديد حبسه بعد انقضاء تسعين يوماً على إخلاء سبيله إذا ظل ممتنعاً عن التنفيذ رغم قدرته على الوفاء، وذلك بشرط ألا يتعدى مجموع مدد حبس المدين ستة وثلاثين شهراً مهما تعدد الدين أو الدائنون.
4- وعلى قاضي التنفيذ سماع أقوال المدين كلما أمر بتجديد حبسه أو إذا طلب المدين ذلك.
5- ويحبس المدين في السجن بمعزل عن الموقوفين أو المحكوم عليهم في القضايا الجزائية وتهيئ له إدارة السجن الوسائل المتوفرة من أجل الاتصال مع الخارج ليتمكن من تدبير أموره للوفاء بالدين أو إجراء تسوية مع الدائنين.
6- ولا يؤدي تنفيذ الأمر بالحبس إلى انقضاء الحق الذي تقرر الحبس لاقتضائه ولا يمنع من التنفيذ الجبري لاقتضائه بالطرق المقررة قانوناً. “
أما بموجب المادة (321) حيث أنه يمتنع اصدار أمر بحبس المدين في الحالات التالية :-
” 1- يمتنع إصدار الأمر بحبس المدين في أيٍّ من الأحوال الآتية:-
أ. إذا لم يبلغ (18) الثامنة عشرة أو تجاوز (70) السبعين من عمره.
ب. إذا كان له ولد لم يبلغ (15) الخامسة عشرة من عمره وكان زوجه متوفى أو محبوسًا لأي سبب.
ت. إذا كان زوجًا للدائن أو من أصوله، ما لم يكن الدين نفقة مقررة.
ث. إذا قدم كفالة مصرفية أو كفيلاً مقتدرًا يقبله قاضي التنفيذ، للوفاء بالدين في المواعيد المحددة أو صرح عن أموال له في الدولة يجوز التنفيذ عليها وتكفي للوفاء بالدين.
ج. إذا ثبت ببينة طبية معتمدة أن المدين مريض مرضًا مزمنًا لا يُرجى شفاؤه ولا يتحمل معه الحبس.
ح. إذا كان الدين المنفذ به يقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ما لم يكن غرامة مالية أو نفقة مقررة أو أجرة عمل أو التزامًا بعمل أو امتناعًا عن عمل.
2- لقاضي التنفيذ أن يؤجل إصدار الأمر بحبس المدين في أيٍّ من الحالتين الآتيتين:-
أ. للمرأة الحامل ولمدة سنتين من تاريخ وضعها وتنقص تلك المدة إلى (3) ثلاثة أشهر من تاريخ انفصال جنينها ميتًا.
ب. إذا ثبت ببينة طبية معتمدة أن المدين مريض مرضًا مؤقتًا لا يتحمل معه الحبس وذلك لحين شفائه.”
و بخصوص كان المدين شخصاً اعتبارياً نص القانون الانف الذكر في المادة (322) أنه : ” إذا كان المدين شخصًا اعتباريًّا خاصًّا، صدر الأمر بحبس من يمثله قانونًا أو غيره إذا كان الامتناع عن التنفيذ راجعًا إليهم شخصيًّا، ويجوز المنع من السفر وفق الإجراءات والضوابط الواردة في المواد (324) إلى (326) من هذا القانون، ولو لم يكن بيد الدائن سندًا تنفيذيًّا في مواجهتهما وذلك بعد إجراء تحقيق في الحالتين.”
مسقطات حبس المدين وحالاته:-
و نصت المادة التالية لها عن مسقطات حبس المدين وحالاته وذلك بموجب المادة (323) التي نصت : “يأمر قاضي التنفيذ بسقوط الأمر الصادر بحبس المدين في أيٍّ من الأحوال الآتية:-
1) إذا وافق الدائن كتابة على إسقاط الأمر.
2) إذا انقضى -لأي سبب من الأسباب- التزام المدين الذي صدر ذلك الأمر لاقتضائه.
3) إذا سقط شرط من الشروط اللازم توفرها للأمر بالحبس، أو تحقق مانع من موانع إصداره.
ومن الناحية الشرعية قد أجاز جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية الغراء حبس المدين الموسر القادر على الوفاء بديونه الذي يماطل عن السداد مع مقدرته ، أما المدين المعسر الفقير الذي لا يقوى على سداد ما على ذمته من أموال فإنه لا يجوز حبسه أما المدين المليئ فانه يجوز حبسه باعتبار أن مطل الغني ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة.
و وفقًا للقرار الذي صدر عن محكمة التمييز بدبي، فإن المدين المعسر لا يجوز حبسه إذا ما ثبت إعساره وعجزه عن سداد عما يشغل ذمته من أموال . مما يعني إلغاء حبس المدين المعسر في دبي ، الإمارات العربية المتحدة وذلك امتثالاً للشرع الحنيف ، وبالتالي يتوجب على الدائن الذي يرغب في حبس المدين إثبات الآتي :-
(1) يسار المدين ليتمكن من حبسه، أو
(2) إثبات تهريب أمواله إضرارًا بالدائن. أو
(3) إثبات توقفه دون مبرر عن سداد أقساط الدين الذي على ذمته.
وإذا ما تقدم المدين المعسر بدفاع عن نفسه أثناء إجراء التحقيق المختصر معه من قبل قاضي التنفيذ. بأن يثبت حصول وقائع جديدة أثرت على ملاءته المالية، وجعلته غير قادر على السداد، فإن ذلك سيؤدي لعدم حبسه للإعسار.
فإذا ما تحقق أحد الشروط الثلاثة السابقة، فإنه يمكن لقاضي التنفيذ الأمر بعقوبة حبس المدين، ولكن بعد اتخاذ الإجراء التالي:
يتوجب على قاضي التنفيذ عدم إصدار قرار إجرائي بضبط المدين وإحضاره، إلا بعد إجراء تحقيق من قبله، يكون مختصرًا. ويثبت فيه الدائن تحقق إحدى الشروط الثلاثة السابقة، أي يقع على الدائن عبء إثبات شروط حبس المدين مما يعني أنه يجب إلغاء حبس المدين في الإمارات أو بالاخص إمارة دبي في حال كان المدين معسراً غير موسراً.
وبالتالي فإن المبادئ التي كرسته محكمة التمييز بامارة دبي في الحكم التالي :
يتمثل في الآتي:-
(1) عدم إمكانية حبس المدين، إذا لم يتم إثبات يساره من قبل الدائن. وبالمقابل فإن الفشل في إثبات يسار المدين يعني عدم إمكانية حبسه.
(2) و إن عبء إثبات يسار المدين يقع على عاتق الدائن الذي يُطالب بحبس المدين، ويحق للمدين الدفاع عن نفسه. بأن يثبت إعساره و حصول وقائع جديدة أثرت على ملاءته المالية وجعلته غير قادر على السداد.
ولكن فيما سبق جاءت أحكام حبس المدين في القانون الإماراتي المادة 319 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لعام 2022، على النحو التالي:
أتاحت المادة لقاضي التنفيذ إصدار أمر، بناء على طلب يقدمه الدائن، بحبس المدين في حال امتناعه عن تنفيذ أي سند تنفيذي دون التحقق من يساره او غيره.
اشترطت المادة السابق ذكرها لإصدار أمر بحبس المدين، ألا يثبت المدين عدم قدرته على سداد الدين، أي إعساره.
اعتبرت المادة الانفة الذكر أن المدين غير قادر على الوفاء، إذا أثبت أن الأموال التي يمتلكها لا يجوز الحجز عليها أو بيعها.
لم تقبل المادة الانفة الذكر من المدين ادعائه بعدم القدرة على السداد، إذا قام بتهريب أمواله أو إخفائها بقصد الإضرار بالدائن، أو إذا كان الدين أقساطًا. أو كان المدين من كفلاء المدين الأصلي.
وبالتالي من الملاحظ أن المادة 319 من قانون الإجراءات المدنية لم تكن حاسمة في توضيح طريقة و شرائط حبس المدين. وعلى من يقع عبء الإثبات وماذا يتوجب على الدائن إثباته ، ما المتوجب على المدين تقديم الدفوع ضد ما يقدمه الدائن. من اثباتات.
وحيث أن محكمة التمييز باعتبارها المحكمة العليا في الإمارات، فإن القرارات التي تصدر عنها تعتبر اجتهادات قضائية لا يمكن الاغفال عنها و يتم الأخذ بها مثلها مثل النصوص القانونية.
ونتيجة كثرة المنازعات في مسألة حبس المدين، فقد أصدرت محكمة التمييز في دبي هذا القرار الهام جدًا، بالإمارات العربية المتحدة استناداً للقرار رقم (4) لسنة 2023م” بإلغاء الضبط والإحضار وتقرير عدم جواز ﺣﺒﺲ اﻟﻤﺪﻳﻦ الا في ثلاث حالات فقط وهي :
١- ﻳﺴﺎر اﻟﻤﺪﻳﻦ.
٢- خشية أن المدين يقوم ﺑﺘﻬريب أﻣﻮاﻟﻪ أو اﺧﻔﺎﺋﻬﺎ.
٣- ان يتوقف المدين ﻋﻦ ﺳﺪاد أﻗﺴﺎط اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻈﺮف قد اﺳﺘﺠﺪ اثر في ملائة المدين.
ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋلى عكس ذلك أي عند عدم إمكانية إثبات ذلك إلغاء الضبط والإحضار وعلى قاضي التنفيذ إﺟﺮاء ﺗﺤﻘﻴﻘﺎ بذلك.
و بالتالي يبرز السؤال التالي ماهي الحالات التي يُمكن فيها حبس المدين ؟
يتم حبس المدين بعدة حالات نذكر منها:
(أ) يسار المدين.
(ب) إن قام المدين بتهريب أو إخفاء أمواله بقصد الإضرار بالدائن، واستحال على الدائن نتيجة ذلك التنفيذ على أموال المدين.
(ج) بحال كان الدين قسطاً من الأقساط المقررة على المدين، أو كان ممن كفلوا المدين الأصلي بالدفع أمام المحكمة أو قاضي التنفيذ.
أحجز استشارة قانونية
تابع المدونة ستجد كل جديد في التشريعات و القوانين و التعاميم , والسوابق القضائية
تابعنا
نسعد بتواصلكم وخدمتكم