مقدمة
يعد وقت العمل أحد أهم الحقوق العمالية، حيث ينظم ساعات العمل وظروفها، ويضمن للعمال حقهم في الراحة والاستجمام. وقد اختلف الفقه والقضاء حول ما إذا كان مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية.
الإطار النظري
تعريف وقت العمل
يُعرف وقت العمل بأنه الفترة الزمنية التي يقضيها العامل في أداء عمله، ويشمل ذلك الوقت الذي يقضيه العامل في العمل الفعلي، وكذلك الوقت الذي يقضيه في الاستعداد للعمل، أو في التنقل من مكان العمل وإليه.
مدة وقت العمل
تحدد مدة وقت العمل في القوانين العمالية، حيث تختلف هذه المدة من قانون لآخر. ففي بعض الدول، تكون مدة وقت العمل ثماني ساعات يومياً، وفي دول أخرى تكون تسع ساعات يومياً، وقد تصل في بعض الدول إلى عشر ساعات يومياً.
الاختلاف الفقهي والقضائي حول مدة الذهاب والإياب
اختلف الفقه والقضاء حول ما إذا كان مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية.
الرأي الأول
يرى هذا الرأي أن مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل لا تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك لأن هذه المدة تقضيها العامل في سبيل الوصول إلى مكان العمل، وليس في أداء عمله الفعلي.
الرأي الثاني
يرى هذا الرأي أن مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك لأن هذه المدة تقضيها العامل في سبيل أداء عمله، ولذلك فإنها تعتبر وقتاً معدوداً لأداء العمل.
الرأي الثالث
يرى هذا الرأي أن مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية إذا كان مكان العمل بعيداً عن محل إقامة العامل، بحيث يتطلب ذلك منه وقتاً طويلاً للوصول إليه.
المقارنة بين القوانين التي تعتبر مدة الذهاب والإياب ضمن ساعات العمل
هناك بعض القوانين التي تعتبر مدة الذهاب والإياب ضمن ساعات العمل الرسمية، ومن هذه القوانين:
قانون العمل الإماراتي رقم 8 لسنة 1980، والذي ينص على أن “مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، إذا كان مكان العمل بعيداً عن محل إقامة العامل، بحيث يتطلب ذلك منه وقتاً طويلاً للوصول إليه”.
قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003، والذي ينص على أن “مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، إذا كان مكان العمل بعيداً عن محل إقامة العامل، بحيث يتطلب ذلك منه وقتاً طويلاً للوصول إليه”.
قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000، والذي ينص على أن “مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، إذا كان مكان العمل بعيداً عن محل إقامة العامل، بحيث يتطلب ذلك منه وقتاً طويلاً للوصول إليه”.
رأي منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية
تؤيد منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية اعتبار مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك لأن هذه المدة تقضيها العامل في سبيل أداء عمله، ولذلك فإنها تعتبر وقتاً معدوداً لأداء العمل.
الواقع العملي :
هل يحتسب مدة الذهاب و الاياب ضمن ساعات العمل الرسمية ؟
الإجابة على هذا السؤال تختلف حسب القانون المعمول به في الدولة أو المنطقة التي يعمل بها الموظف.
في بعض الدول، مثل دول الاتحاد الأوروبي، يعتبر وقت الذهاب والإياب من وإلى العمل ضمن ساعات العمل الرسمية، إذا كان الموظف مضطرًا للذهاب إلى موقع عمل بعيد عن منزله، أو إذا كان عليه استخدام وسائل نقل عامة غير مريحة أو مكلفة.
و في الواقع العملي، لا تزال هناك بعض الشركات والمؤسسات التي لا تعتبر مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك لعدة أسباب، منها:
عدم وجود نص قانوني يلزم الشركات والمؤسسات بذلك.
عدم وعي العمال بحقوقهم العمالية.
عدم وجود رقابة كافية من قبل الجهات الحكومية المختصة.
التوصيات
في ضوء ما سبق، فإنني أوصي بما يلي:
ضرورة تعديل القوانين العمالية لاعتبار مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك لضمان حقوق العمال.
ضرورة توعية العمال بحقوقهم العمالية، بما في ذلك حقهم في اعتبار مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل ضمن ساعات العمل الرسمية.
ضرورة تشديد الرقابة من قبل الجهات الحكومية المختصة على الشركات والمؤسسات لضمان تطبيق القوانين العمالية.
الخاتمة
في الختام، يمكن القول أن مدة الذهاب والإياب من وإلي مكان العمل تعتبر ضمن ساعات العمل الرسمية، وذلك استناداً إلى الرأي السائد في الفقه والقضاء، ورأي منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، وواقع العمل.
تابع المدونة ستجد كل جديد في التشريعات و القوانين و التعاميم , والسوابق القضائية
تابعنا
نسعد بتواصلكم وخدمتكم